المقامة الإفرانية

هذه مقامة كتبها صديق عزيز علي أردت أن أطرحها في هذا المنتدى الفتي لعلها أن تكون فاتحة خير على أعضائه. وقد استأذنت الصديق في نشرها على صفحات هذا المنتدى فرحب بذلك ترحيبا شديدا. وأحب أن أشير كذلك إلى أن هذا الصديق قد كتب مقامته هاته في سنته الثانية ثانوي. وهذه هي

حكى لي قليم بن مقلمة قال: ضاق بي بيتي، وأتعبني تسلط زوجتي. فقدمت إلى إفران الجميلة، لأشفي نفسي العليلة، المريضة بالملل والفتور، حتى أبت أن تسافر وتقطع البحور. فكانت لها إفران أشد انجذابا، وأريح مآبا

وما إن وطأتها قدماي، ورأت طلتها المشرقة عيناي، حتى انشرح صدري، وزال ما كان من أمري. لمحتها عروسا عذراء، بفستانها الذي يكتسي حلة بيضاء، تاجها السماء الصافية، ولآلئها النجوم العالية. ورأيت الطيور ذاهبة آيبة، والقردة على الأيكة لاعبة، واستغربت لما رأيتها لي مداعبة، وزال عجبي لما فطنت أنها للموز طالبة. فاشتريت لها ما تريد، لكنها للطلب تعيد. فهرولت هاربا دون انتظار، خوفا على نقودي من الاندثار

وانتهى بي المطاف، بعد الدوران والانعطاف، إلى مكان جديد، يتزلج فيه الناس على الجليد. فالكل يتزلج، الكبير منهم والصغير، الطويل فيهم والقصير. استسهلت ذلك، لكنني وقعت في المهالك. فبينما أنا أتزحلق، إذا بي أجد نفسي على شجرة أتعلق

ساعدني أحد الرجال الكرماء، ودعاني لتناول الغداء، فغردت أمعائي وهي تبتسم، وأنشدت شعرا منتظم. ودخلنا مطعما راقيا وأنيقا، ولساني برائحة طعامه يستفيق. فهذا طاجين لحم البقر، وهذا لدجاج محمر، وذلك طبق الفاكهة، والعين برؤيته تائهة. وما هي إلا دقائق معدودة، حتى أصبحت الأواني ممسوحة. فاستأذنني الرجل ليغسل يده، لكنه اختفى ولم أره، وأتاني النادل بالفاتورة، فأحسست بدوار كأني معلق بالناعورة. استدركت نفسي، وأخبرت النادل أن دوخة في رأسي، فذهب ليأتيني بكأس من الماء، فتسللت فارا كالحرباء. وخلصت نفسي بمشقة، وتوجهت فورا إلى المحطة

وبعدما عشته من مغامرة لطيفة، ومقالب ظريفة، عدت إلى بيتي البئيس، وفي انتظاري زوجي قلومة بوجهها العبوس، لأغسل الصحون، وأكنس الحظيرة، وأتلقى الضربات الغزيرة

نسيت أن أقول أن صاحب المقامة هو: رشيد أخساي